اهلا بك في وجهة نظر

المتابعون

الجمعة، ديسمبر 09، 2011

أزمة في بحر الأزمات...

تاريخ الإضافة : 02.12.2011 11:20:26

أزمة في بحر الأزمات...


محمد الحسن ولد محمد أحمد
تعيش موريتانيا هذه الأيام درجة من الاحتقان لم يسبق لها مثيل، فلا تكاد تمر من أمام قصر الرئاسة إلا وجدت من يعتصم أمامه من شتى الشرائح..

فهناك المعوقون، وهناك حملة الشهادات والعاطلين عن العمل والمرحلين من مساكنهم لتبدل بأرض لا توجد فيها أي خدمات أساسية. الكل مر من أمام القصر الرئاسي... فالوجهة واحدة و المطالب والمظالم متعددة بتعداد المواطنين.. حتى تشكلت مجموعة من المواطنين تحت اسم " أصحاب المظالم".

هذا الواقع المرير يصلح لأن يكون لبنة أساسية لثورة طالما حلم الشباب بها ووقفت النخب السياسية أمامه بطرق مختلفة وتبريرات تختلف من تيار سياسي لآخر.

أعتقد أن على النخبة السياسية في موريتانيا أن تكون يقظة وتقف مع مطالب ومظالم الشعوب المتعددة، وإلا فإن الانتخابات القادمة ستحمل لهم هزيمة نكراء... وحينها يتكلمون عن بطاقة ذكية... فعليهم بتدارك الوضع قبل أن يتهمهم المواطنون عكس اتهامهم للبطاقة.

في ظل الوضع المتأزم في موريتانيا تم تدشين عدة مشاريع في عيد الاستقلال الماضي وهي في أغلبها إن لم تكن كلها بقيت تراوح مكانها لحد الساعة بعد مرور سنة حسب تحقيق أجراه موقع الأخبار بمناسبة عيد الاستقلال.

وكنموذج على ذلك نأخذ مشروع تزويد مقاطعة مقطع لحجار بالمياه الصالحة للشرب، فبعد سنوات عاشتها مدينة مقطع لحجار في عطش وتلوث للمياه إن وجد، تفاجأ أهلها بخبر توقيف المشروع الذي كان من المفترض أن يزودهم بالماء، الخبر بالنسبة لي لم يكن مفاجئا لمعرفتي أننا في "زمن الإلغاآت" كما عبر عن ذلك أحد الكتاب.

لكن المفاجئ لي في الأمر أن ساكنة المقاطعة تفاجئوا!
كلما جاءت حكومة علق عليها أهل المدينة الآمال في تزويدهم بالماء الصالح للشرب، لكن ذلك الأمل كان يتحول في كل مرة إلى سراب من سرابات الوعود التي حسبوها ماء لعطشهم..

غريب أمرك يا وطني.. يثور الناس من أجل الحريات.. فلا تثور أنت من أجل الضروريات!

يثورون لأن عربة دهست و صفع صاحبها... فلا تثور حينما تحرم من الماء! يثورون لوضعهم فلا نراك تثور ثائرتك إلا حينما يكون الأمر لا يتعلق بك... نعم "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم" لكن من لم يهتم بأمور نفسه ما حكمه؟ !

تثور الأحزاب... إن قلصت صلاحياتها فتكون أنت المواطن المسكين وقود تلك الثورة ولا تتعظ بها لترجع إلى رشدك وتعرف أن الأحزاب عندنا تهتم بمصالحها أكثر من اهتمامها بالمواطنين وإن تظاهرت بالدفاع عنهم جاء الدفاع في درج القول... وإن فاوضت كانت هموم المواطنين في مجالس المفاوضات كواو عمرو.

يثورون... وأنت لا تجد ما تشرب على الأقل لتستمر معهم في ثورتهم المتواصلة والتي لن تتوقف ما دمت أنت موجودا ولا محل لك من الإعراب بل لا تستطيع الإعراب "التغيير".

يثورون... أي نخبة هذه وأي أحزاب تلك التي تدعي أنها تمتلك شعبية... عن أي شعبية تتحدثون... من منكم زار " آدواب" و"الفركان" لا بل حتى من منكم زار المدن الداخلية في غير مناسبة انتخابية والزيارة حينها له ولمنصبه الذي لن يتذكر فيه الضعفاء إلا حينما يقترب الموسم الانتخابي...

والله لا يمتلك الشخص نفسه ولا حق الاختيار في مفرداته حينما يتكلم عن وطنه أو بالأحرى عن مقاطعته وهي تعيش وضعية كارثية لا تستطيع القواميس وصفها.

مقطع لحجار... كلمة صارت ترتبط في الآونة الأخيرة بالعطش وندرة الماء بل وتلوثه إن وجد منه ما يبل الريق.

لم يثر أهل مكطع لحجار فعرباتهم ما زالت مكانها... نعم عرباتهم... فالعربات التي تُحدث وتُوقد الثورة عندنا غير التي عند الآخرين فهي تعني بالمقام الأول أن هناك من يتحكم ويستطيع إيقاف العربات "تطلعات المواطنين" كي لا تتحرك...

لا أدعوكِ مقاطعتي العزيزة للثورة... فوقتها لم يحن بعد لأن حرية التعبير مكفولة للجميع والأحزاب عندنا بعدد رؤوس الأبقار!.

لا تثوري... بل ابتدعي نوعا جديدا من الثورة، أليس الصمت المطبق والصبر الطويل والتحمل الشاق... أليس ثورة من نوع آخر...؟

عزائي فيك مقاطعتي العزيزة أنك لست العطشى وحدك فالوطن كله في نفس حالتك إن لم تكن الحالة أدهى وأمر في بعض مدنه.

أبناؤك لم يجدوا متنفسا إلا على صفحات "الفيس بوك" و"المدونات" فنفثوا فيها كلما يختلج داخل صدورهم من تذمر على الوضع الكارثي الذي يهدد أهلهم، عساهم بذاك الدور أن يحركوا القضية أو على الأقل ينتزعوها من السياسيين بوصفها تتعلق بحياة بشر لا مجال للمزايدة فيها، فمشكلة المياه ظلت وجبة سياسية دسمة يتناولها كل المترشحين، ويعِدُ كل من جانبه بحلها وأنها لا تحتاج سوى القليل من التذكير، فالتمويل جاهز لكن المتابعة الإدارية هي المتبقية، وحينما ينتهي الموسم السياسي يتيه الكل في تلك المتابعة المزعومة...

تلك مآسي مقاطعة تعبر عن وطن ضرب أروع أنواع الثورات في الصمت من قبل مسؤوليه وإن تحركوا جُعل الأمر في قالب سياسي للاستهلاك فقط... تلك ثورتنا فليرنا الآخرون ثوراتهم...؟

كثيرا ما تردد في الآونة الأخيرة سؤال مفاده هل بالإمكان أن تحدث ثورة فى موريتانيا كما في تونس ومصر؟

وأعتقد أن وضع مقاطعتنا، وغيرها من مقاطعات الوطن المنكوب كفيل بالإجابة عن السؤال فمن لم يثر من أجل الماء والكهرباء والخدمات الضرورية فثورته لسبب آخر تثير الاستغراب...؟.

إلا أن يكون السؤال المطروح: هل يمكن لمسؤولينا أن يصنعوا الثروات... وقد فعلوا...

أعتقد أن المعارضة معنية اليوم بتحمل مسؤولياتها اتجاه ما يحدث، فوطننا مليء بأسباب الثورات منذ زمن بعيد، ما ينقصه هو أن تكون هناك طبقة سياسية تستطيع أن تسير مع رغبات المواطنين من أجل انتزاع حقوقهم بطريقة سلمية وتطلعاتهم المشروعة في بناء وطن ينعم فيه الجميع بالخدمات الضرورية دون منة من زيد أو عمرو.

وما دامت الأحزاب السياسية تتفرج على المشهد من الخارج وكأنهم في عالم آخر، غير الذي يوجد فيه المواطنون، ما دامت كذلك أعتقد أن على الموطنين أن يقوموا بثورة على كل شيء بدء بالأحزاب وانتهاء بالأنظمة القمعية الارتجالية "الإلغائية" التي لا تحترم شعبها

هناك تعليق واحد: